"العب فيه يا شوقي"
الحمد لله رب العالمين. أخيرا وبفضل الله أمكننا وضع أيدينا على أساس مشكلات التلفزيون المصري، منذ إنشائه وحتى الآن، هناك من اتهم وزير الإعلام الحالي أنس الفقي – ظلما - بالمسئولية عن انهيار الإعلام المصري، وهناك فئة من أقوياء الذاكرة افتروا على الوزير الأسبق ورئيس مجلس الشورى الحالي صفوت الشريف – بهتانا – بأن سياساته طويلة المدى هي سبب ما نعانيه حتى الآن.
لكن الحمد لله ظهر الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا، شوقي هو المسئول الوحيد يا سادة، ومن ذا الذي لا يعرف شوقي؟ في الحقيقة كلنا لم نكن نعرفه حتى يوم الاثنين الماضي، لكن الجريمة لا تفيد، والمجرم يحوم دائما حول المسرح القومي بالعتبة، وإذا كان السكري هو الجاني في مقتل سوزان تميم، ومحمود هو الجاني في مقتل هبة ونادين، فإن شوقي هو الجاني في مقتل الإعلام المصري وسحب سجادة الريادة من تحت قدميه.
لا تسألوني ما اسمه - الثنائي أو الثلاثي – حبيبي، فأنا لا أعرف إلا "شوقي"، لا تسألوني ما شكله حبيبي، فأنا لم أره، لكن زميلته هي التي وشت به، وعلى الهواء مباشرة. لكن اسألوني عن سجادة الريادة، فهي من إنتاج النساجون الشرقيون، حمرا وبشراشيب من الجنبين.
الوقت كان ظهرا، وكان ملايين المشاهدين يجلسون أمام التلفزيون يتابعون وقائع مؤتمر إعمار غزة، كان رئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني يتحدث بالإيطالية قال إن أوروبا وإيطاليا ستلعبان دوريهما لإعادة الإعمار، وأعلن تخصيص 100 مليون دولار كمساهمة ايطالية. وكان صوت المترجمة يترجم كلام بيرلسكوني إلى العربية، وفجأة حدث عطل فني، انقطع صوت بيرلسكوني عن المترجمة، فظنت أن صوتها هي الأخرى انقطع عن المشاهدين، فصرخت وقد تغيرت لهجتها تماما: "العب فيه يا شوقي.. العب فيه يا شوقي".
شوقي جندي مجهول، حتى هذه اللحظة لم يكن أحد يعرف مدى أهمية دوره في الإعلام المصري، في البداية كان شوقي يلعب جيدا فاستقرت سجادة الريادة تحت أقدامنا زمنا طويلا، وحين تقدم به السن لم يعد يلعب كما كان في السابق، فوصلنا إلى ما نحن فيه، لدرجة أنه كلما حدثت وعكة طارئة أو عطل مفاجئ صرخنا بكل ما نملك من قوة: العب فيه يا شوقي.
يستيقظ شوقي من نعاسه ويلعب فيه، فيعود صوت بيرلسكوني عاليا خفاقا، وتعود المترجمة إلى لهجتها الرسمية، ويستمر البث المباشر كأن "شوقي" لم يكن.