الأحد، ٣٠ نوفمبر ٢٠٠٨

صدور الروايات أفضل من صدور الجميلات

وقوف متكرر من دار الشروق، حاليا بالمكتبات

غرفة واسعة بسقف مرتفع، ومصباح أصفر يضع ظلالا أكثر مما يضيء، طلاء قذر ومتساقط، وبلاط ملخلخ يصدر صوتا عند المشي فوقه، رطوبة ناشعة حتى ثلث الجـدار، وبدون أي نافذة على الشارع، فقط فتحة صغيرة على المنور مغلقة بكرتونة شيبسي مفرودة ومدقوقة من أعلى، ترفعها فيواجهك على بعد 30 سم تقريبا حائط الحمام المشترك للدور الثاني كله، وبأعلاه فتحة مربعة تنتقل إليك الروائح والأصوات.
تدخل أنت ومحمد عبد المنعم صاحبك الذي تناديه بـ ((منعم)) والتي تضايق منها أبوه عندما سمعك تناديه بها في بيتهم أول مرة، ولكنهم تعودوا عليها بعد ذلك، وصاروا ينادونه بها، تتصل به وتسلم على أبيه، تقول له:
((محمد موجود يا عمي؟)).
فيقول لك:
((خليك معايا)).
وتسمعه وهو ينادي)).
((يا منعم.. تليفون يا منعم)).
تدخلان ومعكما السمسار، وصاحبة البيت السمينة التي قالت دون مبرر ودون أن تساومها على شيء:
((تسعين جنيه في الشهر.. ما دفعتهمش يوم واحد.. يوم اتنين تلاقي هلاهيلك في الشارع)).
في البداية كان منعم يشجع فكرة الغرفة لتجدا ((مُكْنة)) مناسبة، لكن هنا يستحيل أن تصعد أي واحدة، فظل يخبطك في جنبك حتى تنزلا، لكنك رأيتها أفضل الغرف التي تفرجتما عليها، كما أن السمسار قال قبل أن تصعدوا:
((بص يا أستاذ دي آخر أوضه هفرجكم عليها.. ما عجبتكمش هاخد حسنتي زي ما تكونوا سكنتم بالظبط.. أنا بقالي أسبوع دايخ معاكم)).
يكتب السمسار عقدًا ملفقًا في ورقتين فلوسكاب، فتُوقِّع أنت على الورقة التي ستأخذها صاحبة البيت، وترفض هي أن تبصم على الورقة التي ستأخذها أنت، تحرك يديها للسمسار بطريقة بذيئة، وتقول:
((دا أنا صاحبة مِلك)).
لم تهتم لأنك لم تدفع أي مقدم، وظلت حركتها وكلمتها كـ ((إفيه)) تستدعيانه أنت ومنعم بعدها.
تعطي السمسار خمسين جنيها فلا تعجبه، فيعطيه منعم عشرين أخرى، فيقول:
((انتو تأمروا يا أساتذة في أي وقت.. ومن غير فلوس خالص)).

الأحد، ٢ نوفمبر ٢٠٠٨




رِِجْل - ولا مؤاخذة - الحمار



الوظيفة الأساسية لها معروفة في العالم كله، وهي أن يسير الحمار عليها دائمًا، ويرفس بها أحيانا. لكن في مصر هناك وظيفة ثالثة لها، وهي أن تغزل بها الشاطرة!
المصري يعشق الافتكاس، افتكس يفتكس افتكاسا فهو مفتكس، والمفتكس هنا يترك للعالم مهمة اختراع الأشياء من العدم، ثم يتلقفها، فيحوّرها ويدوّرها و"يقيّفها" على مقاسه ووفقا لاحتياجاته.
وأرجل الحمير في حياة المصريين كثيرة، فكل شيء ينفع لأي شيء، والمهم الإنجاز، وتحقيق أقصى استفادة ممكنة، وإليك بعض الأرجل، على سبيل المثال، لا الحصر:
الحذاء: مصنوع من جلد طري ونعل صلب، لكي نرتديه في أرجلنا فيقينا حر الصيف وبرد الشتاء ومسامير الطريق وزجاجه، لكننا نعلق نموذجا مصغرا منه على أبواب البيوت وواجهات السيارت والمحلات، لمنع الحسد ورد العين.
الأذن: مصممة خصيصا لغرضين: السمع وتعليق النظارة، لكن موقعها المميز على جانبي الرأس أغرانا بتنويع استخدامها تبعا للمهنة، فالنجارون وموظفو الأرشيف يستعملونها كمقلمة، لوضع القلم وراءها، وسُيّاس الجراجات يركنون خلفها السجائر، ومحصلو الأتوبيسات والميكروباصات يضعون بداخلها العملات المعدنية، وكأنها حصالة.
الجرائد: المفروض أنها للقراءة والاطلاع على أخبار البلد، لكن نساءنا يستخدمنها كمفارش على الأرفف، ولتنظيف الزجاج، ويستخدمها الباعة في لف أي شيء يؤكل على وجه الخصوص، من أول ساندوتشات الفول والطعمية، وحتى الكيوي.
الكتب: خلقها الله للثقافة والمعرفة والتعليم، ونحن نطبعها للإشادة بجهود السيدة الأولى في المقدمة، ووضع صورتها على الغلاف الخلفي.
كروت الشحن: من اسمها، تستخدم لغرض واحد لا ثاني له، وهو شحن الموبايل بالرصيد، لكن الكارت فئة 100 جنيه، و200 جنيه، أصبحا بديلا عن الرشاوى المالية، ويكثر استعمالهما مع ضباط المرور، الذين لا يقبلون الرشوة المالية، ربما لحرمتها.
صدر المرأة: في كل أنحاء العالم له استخدامان فقط: الرضاعة، والإثارة، عندنا يتم استخدامه كخزانة لحفظ النقود.
الزهور: لإهدائها والاستمتاع بألوانها ورحيقها، لدينا تترك البنات هذا كله، وتمسكها لقطف أوراقها واحدة بعد الأخرى للتأكد من مدى حب صديقها لها: بيحبني، ما بيحبنيش، بيحبني، ما بيحبنيش... إلى آخر الوردة.
أقسام الشرطة: اخترعها الإنسان الأول لأهداف معروفة، منها: الحفاظ على الأمن والأمان، وفض المنازعات، وتحرير المحاضر، لكنها تحولت إلى سلخانات لانتهاك حقوق المواطنين وأعراضهم، بعصي المقشات، وبالكهرباء.. وممنوع دخول المحمول، خاصة إذا كان "من أبو كاميرا"، لأن استخدامه الأساسي هو استقبال وإرسال المكالمات، وليس نشر فضائح الشرطة على الهواء مباشرة، عندهم حق.