قصة
قميص خفيف دون أكمام
في الثانية عشرة مساء تُغلق النافذة.
أجمل الطالبات الريفيات اللاتي يسكن الشقة المقابلة، بعيون زرقاء وشعر عسلي، تفتح نافذتها في السابعة صباحًا، تبدأ يومها بالاستحمام، تجلس أمام المرآة تصفف شعرها الطويل، وتربطه ذيل حصان، تضع الكريم المرطب على بشرتها، وتسكب عطرا كثيرا على شعرها وصدرها ورقبتها ولا تستعمل إلا يد واحدة.
ستقابلها مرتين وتعرف بالملاحظة أن ذراعها اليسرى مبتورة، وتعرف أن لها حجرة مستقلة في شقة الطالبات المغتربات اللائى يسكن الثلاثة في غرفة، وأنها تحب الأغاني الشعبية.
ترتدي قفازين حتى لا تظهر الأصابع البلاستيكية للذراع الصناعية، ستحاول أن تنبش روحها، لكنها تظل صامتة، تسمع فقط وتشرد بنظراتها، ولن تسمح لك بأن تمسك يدها السليمة.
في السابعة صباحًا تُفتح النافذة، وتُغلق في الثانية عشرة مساء، ولن تخبرك عن العلاقات الحسية بينها وبين البنات بالداخل، ولا عن كمها الأيسر المتهدل لمدة سبع ساعات فقط يوميا.
مر موكب الفرح فأطلت، بعد منتصف الليل بساعة، اندفعت نحو النافذة لترى العروس داخل السيارة المزينة، فتحتها بيد واحدة، وبقميص نوم خفيف من دون أكمام، فرأيت الذراع اليسرى مقطوعة على بعد أربع أصابع من الكتف.
أطلت عندما سمعت أبواق سيارات الفرح، اندمجت، ولم تنتبه إلى وجودك ولا إلى اختفاء ذراعها الصناعية إلا بعد أن صار الفرح أصواتا بعيدة.
صفقت النافذة، وأنهت علاقتها بك بعد لقاءين وعلبة عصير مانجو رفضت هي أن تشربها. لكنها منحتك صورة لها، هي الأجمل بين الفتيات، بعينين رماديتين وشعر أصفر، فبدت كأنها أخرى، ولم تكن ابتسامتها مقنعة.
ستحاول أنت كثيرا أن تعيد علاقتك بها، لكنك ستعرف أنها لا تسمح لأي رجل بأن يعرف أن ذراعها مبتورة، وأنت رأيت.
بعد ذلك ستصادق أنت منى، البنت الأقبح في شقة المغتربات، وستعرف منها كل شيء عنها، رشا العجمي، البنت التي تركت الإسماعيلية، وأحبت القاهرة؛ لأن أحدا بها لا يعرف حادث السيارة وهي صغيرة، صارت تتحرك وتتعامل كأنثى كاملة، وإن ظل الشيء مبتورا داخل روحها، أشبعت كل حاجاتها الحسية مع البنات في غرفتها المستقلة المطلة على شارع جانبي صغير في مقابل حجرتك.
ستخبرك منى بأنها دربتهن على أن تتسلل واحدة منهن إلى حجرتها كل ليلة بعد الثانية عشرة، تبيت معها حتى الصباح، دون أن يتكلمن في ذلك نهائيًا، حيث تغلق في الليل كل الأنوار عدا نور حجرتها.
ستدبر لها عدة مكائد حتى تعيد علاقتك بها، لكنك تنتهي بأن تشي بهن في المنطقة كلها، دون أي رد فعل، وقد صارت لشقة المغتربات رائحة نفاذة يعرفها الجميع.
طوال النهار تظل النافذة مفتوحة تتحرك بداخلها فتاة أشبه ما تكون بالملائكة، بذراعين، وقفازين، وذيل حصان، وبلوزة حريرية بأكمام طويلة، وأنت تحلم بالجلوس على طرف سريرها، تشم عطرها الكثير، تلمس أنامل قدميها، تداعب ذيل الحصان، تفك أزرار بلوزتها، وأحزمة الذراع المستعار.
هناك ١٠ تعليقات:
حلوة اوييي حلوة فعلا
احلي من البلاستيدات الخضراء برايي
استخدامك لصيغة المخاطب والمستقبل
ربطتني بالاحداث كاني عشتها من قبل
وتفاصيلك المضفرة في الجمل السردية للاحداث
جعلتني متعاطفة معهما تماما
بجد
تسلم ايدك
بجد حسيت بألم
حلوة يا محمد
قريتها قبل كده باخبار الادب وعجباني
مروة أبو ضيف
ازيك
أشكرك جدا على رأيك
***********
هدى
تسلم يا قمر
أنا دخلت مدونتك وعجبتني جدا
قرايتك للقصة واعية ومتميزة
أشكرك بجد
***********
دعاء
مش عارف كونك حسيتي بألم ده حاجة كويسة يعني ولا لأ
بس أحيانا بعض الألم ضروري لتنقية الروح
**********
بسُّوووووووووم
شكرا يا معلم
قصة جميلة يا محمد
انت قاص وروائي مبدع حقيقي
استخدامك لتقنيات اللغة رائع
تحياتي
المدونه جميله بس انا مش عارفه ليه مش حسيت القصه اوى جايز لانك بتوصف اشخاص وحاله معينه وجايز ده بيرجع لطبيعتى ونوعيه القصص اللى بتاثر بيها
مش قادره احدد السبب بالظبط
بس اجمالا القصه حلوه والمدونه كلها جميله
ميرسى لمرورك على مدونتى
nice to meet u :)
أشكرك جدا يا عم عز
وخطوة عزيزة
ولا تحرمنا من وجودك دائما
**********
ريم
ازيك يا قمر
انتي علقتي على البلاستيدات الخضراء وقلتي انها عجبتك أكتر
ومروة أبو ضيف شايفه ان دي أحلى
عموما انا شايف ان أجمل من الاتنين الاختلاف ده حواليهم
زوريني دايما
وأشوفك قريب
جميله جدا جدا
عجبتنى بجد
انسانيه
قراتها بعد سرداب طويل وليتني فعلت العكس
الحالة هنا أقرب للتخيل ملاحظاتك وتفاصيلك وتوصيفك للمشهد حلوة اوي ومحسوسة اوي
التضاد الشكلي والروحي بين الفتاتين كان واضح (توقعت انك تعمل عكس كده ) الفتاة البريئة عيبها الخلقي تدارية وانعكاس براءتها علي وجهها الطفل ..والاخري القبيحة الخلق والخلقة هي الاخري ضحية حادث لكنها انتهجت الجانب السئ وانعكس علي وجهها، وسرها المذاع بغير جدوي
وجهها وهي الحبيبة بعيون زرقاء (للون الأزرق دلالة قوية )يخفت ويبهت لونهما حين تصبح بعيدة المنال لاكتشافك سرها الاكبر
اعجبتني جداااا تلك التفصيلة
اجمالا باشكرك جدا علي القصة
إرسال تعليق