الخميس، ٣١ يوليو ٢٠٠٨


هذا التمثال البديع هو مشروع تخرج النحات والروائي علاء عبد الحميد، وحصل به على الترتيب الأول على دفعة 2008 من كلية الفنون الجميلة، شاهدوا صورا وكتابات أكثر على مدونته هنا، وانتظروا قريبا روايته "call me" عن دار ميريت

السبت، ٥ يوليو ٢٠٠٨


رئيس جمهورية لكل طالب


"بهات أبو المجد" سيدة أقصرية تبيع الفجل، والفجل له فوائد عظيمة، أهمها أنه يقي من مرض الإسقربوط، ويقوي اللثة والأسنان.
الفجل يباع بالحزمة، كل حزمة بعشرة قروش، وبحزمة على حزمة تخرجت ابنة "بهات" الكبرى مهندسة زراعية بتفوق، لكن "صفوت" ابن "بهات" لم يحب الفجل مثل أخته، فلم يدخل كلية الزراعة، دخل ثانوية صناعية ميكانيكية، ولم يحب العربي لأنه وجد به مرارة تشبه طعم الفجل. واضعو الامتحانات عرفوا عنه هذا، فنصبوا له كمينًا، أتوا له بامتحان شنيع الصعوبة، فجلس أمام الورقة يعاني، زملاؤه كانوا يغشون وهو لا يغش، وفي النهاية اكتشف الكمين، العربي ظُلم، وبيع أمه للفجل ظُلم، كتب في الورقة: "حاكم ظالم وشعب مظلوم".
"بهات" تحاول إنقاذ ابنها، تقول: "عيل وغلط، الواد مرعوب، واحنا خايفين لأننا ناس غلابة، وأنا بجاهد عشان أصرف على ولادي، صفوت لما راح الامتحان طلبوا منه فلوس عشان ضيافة المراقبين، ولأنه مامعهوش كانوا بيراعوا كل الطلبة إلا هو، فخرج عن شعوره".
الرئيس مبارك هو الحاكم، و"بهات" ناشدته الإفراج عن "صفوت"، لأنه أصيب بنوبات بكاء تمتد ساعات طويلة، بسبب احتجازه لدى امن الدولة لمدة 4 ساعات، ولأنه أصيب باكتئاب شديد منعه من الكلام، ولأن مديرية "التربية" قررت تربيته وحرمته من استكمال الامتحانات.
"صفوت" ربما لا يعرف "آلاء فرج عبد العال" التي كتبت في امتحان العربي في أولى "ثانوي عام" في 2006: "ماذا سنجني من الدولة إلا ما هو رديء وخسيس، كبار قواد مصر لا يريدون لها التقدم، والرئيس بوش ينفذ سياسات تؤذي مصر وشبابها، والأغرب أن رئيسنا يستجيب لهذا السافل"، ثم كتبت فقرة أخري خاطبت فيها الرئيس قائلة : "احكم فينا بكتاب الله وسنة رسوله، لقد اعتدنا على هذا النظام المهين".
الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية قال وقتها عما كتبته آلاء: "إن استخدام الطالبة لهذه العبارات يمثل "قذفًا" للنظام واستهتارًا بالآداب"، ومسئولو التربية والتعليم بالأقصر أكدوا أن "صفوت" كتب "ألفاظا نابية وعبارات مجرّمة يعاقب عليها القانون".
الإسقربوط مرض يفقد فيه الجسم القدرة على شفاء الجروح بسبب عجز الأنسجة عن الترابط. آلاء نجحت بتدخل جراحي من رئيس الجمهورية، تجنبا لإسقربوط مجتمعي، وقالت الجرائد الحكومية إنه الرئيس اتصل بالطالبة أثناء تواجدها ووالدها في مكتب الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم لتسلم شهادة النجاح وقال لها: "لا تخافي، عبري عن رأيك بحريتك وبراحتك وبأسلوبك، مهما كان هذا الرأي مخالفاً لمن حولك".
لو كان هذا صحيحا فقد عبّر "صفوت" عن رأيه، بحريته، وبراحته، وبأسلوبه. فهل سيتدخل الرئيس مرة أخرى، حتى يمنح مانشيتا "أحمر" لصحافة الحكومة، وهل معنى هذا أننا أصبحنا في حاجة إلى رئيس جمهورية لكل طالب جريء؟!

المقال هو الأول للكاتب في جريدة اليوم السابع