صدور الروايات أفضل من صدور الجميلات
غرفة واسعة بسقف مرتفع، ومصباح أصفر يضع ظلالا أكثر مما يضيء، طلاء قذر ومتساقط، وبلاط ملخلخ يصدر صوتا عند المشي فوقه، رطوبة ناشعة حتى ثلث الجـدار، وبدون أي نافذة على الشارع، فقط فتحة صغيرة على المنور مغلقة بكرتونة شيبسي مفرودة ومدقوقة من أعلى، ترفعها فيواجهك على بعد 30 سم تقريبا حائط الحمام المشترك للدور الثاني كله، وبأعلاه فتحة مربعة تنتقل إليك الروائح والأصوات.
تدخل أنت ومحمد عبد المنعم صاحبك الذي تناديه بـ ((منعم)) والتي تضايق منها أبوه عندما سمعك تناديه بها في بيتهم أول مرة، ولكنهم تعودوا عليها بعد ذلك، وصاروا ينادونه بها، تتصل به وتسلم على أبيه، تقول له:
((محمد موجود يا عمي؟)).
فيقول لك:
((خليك معايا)).
وتسمعه وهو ينادي)).
((يا منعم.. تليفون يا منعم)).
تدخلان ومعكما السمسار، وصاحبة البيت السمينة التي قالت دون مبرر ودون أن تساومها على شيء:
((تسعين جنيه في الشهر.. ما دفعتهمش يوم واحد.. يوم اتنين تلاقي هلاهيلك في الشارع)).
في البداية كان منعم يشجع فكرة الغرفة لتجدا ((مُكْنة)) مناسبة، لكن هنا يستحيل أن تصعد أي واحدة، فظل يخبطك في جنبك حتى تنزلا، لكنك رأيتها أفضل الغرف التي تفرجتما عليها، كما أن السمسار قال قبل أن تصعدوا:
((بص يا أستاذ دي آخر أوضه هفرجكم عليها.. ما عجبتكمش هاخد حسنتي زي ما تكونوا سكنتم بالظبط.. أنا بقالي أسبوع دايخ معاكم)).
يكتب السمسار عقدًا ملفقًا في ورقتين فلوسكاب، فتُوقِّع أنت على الورقة التي ستأخذها صاحبة البيت، وترفض هي أن تبصم على الورقة التي ستأخذها أنت، تحرك يديها للسمسار بطريقة بذيئة، وتقول:
((دا أنا صاحبة مِلك)).
لم تهتم لأنك لم تدفع أي مقدم، وظلت حركتها وكلمتها كـ ((إفيه)) تستدعيانه أنت ومنعم بعدها.
تعطي السمسار خمسين جنيها فلا تعجبه، فيعطيه منعم عشرين أخرى، فيقول:
((انتو تأمروا يا أساتذة في أي وقت.. ومن غير فلوس خالص)).