السبت، ٥ يوليو ٢٠٠٨


رئيس جمهورية لكل طالب


"بهات أبو المجد" سيدة أقصرية تبيع الفجل، والفجل له فوائد عظيمة، أهمها أنه يقي من مرض الإسقربوط، ويقوي اللثة والأسنان.
الفجل يباع بالحزمة، كل حزمة بعشرة قروش، وبحزمة على حزمة تخرجت ابنة "بهات" الكبرى مهندسة زراعية بتفوق، لكن "صفوت" ابن "بهات" لم يحب الفجل مثل أخته، فلم يدخل كلية الزراعة، دخل ثانوية صناعية ميكانيكية، ولم يحب العربي لأنه وجد به مرارة تشبه طعم الفجل. واضعو الامتحانات عرفوا عنه هذا، فنصبوا له كمينًا، أتوا له بامتحان شنيع الصعوبة، فجلس أمام الورقة يعاني، زملاؤه كانوا يغشون وهو لا يغش، وفي النهاية اكتشف الكمين، العربي ظُلم، وبيع أمه للفجل ظُلم، كتب في الورقة: "حاكم ظالم وشعب مظلوم".
"بهات" تحاول إنقاذ ابنها، تقول: "عيل وغلط، الواد مرعوب، واحنا خايفين لأننا ناس غلابة، وأنا بجاهد عشان أصرف على ولادي، صفوت لما راح الامتحان طلبوا منه فلوس عشان ضيافة المراقبين، ولأنه مامعهوش كانوا بيراعوا كل الطلبة إلا هو، فخرج عن شعوره".
الرئيس مبارك هو الحاكم، و"بهات" ناشدته الإفراج عن "صفوت"، لأنه أصيب بنوبات بكاء تمتد ساعات طويلة، بسبب احتجازه لدى امن الدولة لمدة 4 ساعات، ولأنه أصيب باكتئاب شديد منعه من الكلام، ولأن مديرية "التربية" قررت تربيته وحرمته من استكمال الامتحانات.
"صفوت" ربما لا يعرف "آلاء فرج عبد العال" التي كتبت في امتحان العربي في أولى "ثانوي عام" في 2006: "ماذا سنجني من الدولة إلا ما هو رديء وخسيس، كبار قواد مصر لا يريدون لها التقدم، والرئيس بوش ينفذ سياسات تؤذي مصر وشبابها، والأغرب أن رئيسنا يستجيب لهذا السافل"، ثم كتبت فقرة أخري خاطبت فيها الرئيس قائلة : "احكم فينا بكتاب الله وسنة رسوله، لقد اعتدنا على هذا النظام المهين".
الدكتور مفيد شهاب وزير الدولة للشئون القانونية والمجالس النيابية قال وقتها عما كتبته آلاء: "إن استخدام الطالبة لهذه العبارات يمثل "قذفًا" للنظام واستهتارًا بالآداب"، ومسئولو التربية والتعليم بالأقصر أكدوا أن "صفوت" كتب "ألفاظا نابية وعبارات مجرّمة يعاقب عليها القانون".
الإسقربوط مرض يفقد فيه الجسم القدرة على شفاء الجروح بسبب عجز الأنسجة عن الترابط. آلاء نجحت بتدخل جراحي من رئيس الجمهورية، تجنبا لإسقربوط مجتمعي، وقالت الجرائد الحكومية إنه الرئيس اتصل بالطالبة أثناء تواجدها ووالدها في مكتب الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم لتسلم شهادة النجاح وقال لها: "لا تخافي، عبري عن رأيك بحريتك وبراحتك وبأسلوبك، مهما كان هذا الرأي مخالفاً لمن حولك".
لو كان هذا صحيحا فقد عبّر "صفوت" عن رأيه، بحريته، وبراحته، وبأسلوبه. فهل سيتدخل الرئيس مرة أخرى، حتى يمنح مانشيتا "أحمر" لصحافة الحكومة، وهل معنى هذا أننا أصبحنا في حاجة إلى رئيس جمهورية لكل طالب جريء؟!

المقال هو الأول للكاتب في جريدة اليوم السابع

هناك ١٣ تعليقًا:

•√أريـ السمر ـج√• يقول...

مقال جميل

أن شاء الله بداية موفقة
دمت بكل الخير

محمد حلمي مخلوف يقول...

اسلوب جميل جدا في طرح الافكار وربنا يكرمك في البوكر
انا بكتب قصص قصيره وكتبت روايه بعنوان المدينة التائهة يا ريت تزور مدونتي وتقولي رأيك انا نزلت فيها الفصل الاول
شكرا لك

إنسان || Human يقول...

هههههه...أكيد طبعاًَ محتاجين رئيس جمهورية لك طالب
للأسف لم تعد أيامنا فقط كمرارة الفجل بل الحنظل
ولم يعد المجتمع مصاباً بالإسقربوط فقط بل بالسرطان ...

Alaa Abd El Hamid يقول...

يا ريت يا عزب تشوفلى رئيس جمهوريه يسندنى فى الظروف المنيله اللى انا فيها دى...ههههههههه

أسماء علي يقول...

عزب هو معاد ندوة ميريت امتى؟

محمد صلاح العزب يقول...

أريج السمر
انتي اللي جميلة وربنا يخليكي

محمد صلاح العزب يقول...

محمد حلمي مخلوف
ربنا يخليك يا جميل
وليك عندي زيارة

محمد صلاح العزب يقول...

Hu-man
هو إيه الحنظل ده؟

محمد صلاح العزب يقول...

علاء عبد الحميد
عندي رئيس جمهورية نص عمر
ممكن تاخده تركب له وش، وهيقضي معاك لحد آخر الصيف

محمد صلاح العزب يقول...

د/ أسماء علي
هو أكيد في أماكن كتير أنسب للسؤال ده غير هنا
لكل مقام مقال
ولا إيه؟

عاشقة الحواديت يقول...
أزال المؤلف هذا التعليق.
عاشقة الحواديت يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

مقال جميل

أن شاء الله بداية موفقة

أسما عواد يقول...

محمد
اعمل في المجالين معا
الكتابة والتدريس وربما أعطاني الله هذيه المتناقضين لأعلم قيمة كل واحد بسبب الآخر
جمال الحرية في الكتابة والإنطلاق بلا شروط حتى وان بدا لك ان كتابتك بلا صدى او ان العالم من حولك قد أصابه الصمم وجمال ان تكون متأثرا ب .. بغض النظر عن وجود من تؤثر بهم
ويأتي بعد ذلك جمال أن تكون مؤثرا في بالرغم من القوانين والقوالب الجاهزة التي تصدرها إلينا العملية التعليمية
الآن بعد أن قرأت ادراجك
أسأل نفسي هل نجحت؟
ربما أكون قد نجحت في تطويع كل مهنة للأخرى وربما أكون قد نجحت في ان لا أكون ذلك المعلم الذي يتعامل بالقهر أو الأنانية
وربما اكون قد تركت أثرا في نفوس العشرات من الأطفال
او في اكتشاف مواهب او تغيير بعد لإتجاهات لدى الطلبة ,و.. و...و ....
لكني فشلت في تحمل هذه الحكومة لذا قدمت على أجازة بدون مرتب بعد تعييني بسنتين فقط
لذا اعتبر نفسي مهزومة ولكنها الهزيمة التي تبقيك على قيد الحياة
رئيس جمهورية لكل مواطن هو حقا الحل الوحيد