الخميس، ٣ مايو ٢٠٠٧

من مجموعتي الأولى.. لونه أزرق بطريقة محزنة


إضاءة مبهرة


يجلسني على كرسي دائري صغير بدون مسند.
بظهره يرجع خطوتين واسعتين، يتأملني، يتقدم إليّ، بكلتا يديه يدير جسمي المستسلم له إلى جهة، ووجهي إلى الجهة الأخرى مواجهًا بؤبؤ العدسة تمامًا.
تعثرت في الخارج بحجر كبير، اتسخ كم قميصي الأبيض.
يضع إصبعين لزجين تحت ذقني، يرفع وجهي ببرود.
أول واحد من الفصل سيحمل بطاقة بعدي، أمامه شهر كامل. سينبهرون بشدة عندما يقف النسر الأزرق لا مباليًا في مواجهتهم فوق الأوراق الصفراء.
دون أن يلحظني، أحرص على وضع يدي الأخرى فوق كمي المتسخ.
قبّلني أبي وهو يضحك:
"يللا يا عم هيحسبوك نفر ع الدولة".
بنفسه، كوَى لي القميص الأبيض، أعطاني ربطة عنقه الزرقاء الجديدة، مُصرًا على أن ألمع الحذاء الذي لن يظهر– بالطبع – في الصورة.
"أصل البطاقة دي هتفضل معاك لحد ما تتجوز، ولما تكون الجزمة بتلمع.. تلاقي وشك يطلع منور في الصورة".
ضحكت أمي وأختي، وهو يأتي لينزل يدي من فوق الأخرى، مبتسمًا ابتسامة بلاستيكية.
قالت أختي وهي تربط لي رقبتي:
"خدلك لحسه م الكريم بتاعي.. وسرح شعرك لفوق".
صاحت أمي:
"لأ.. لفوق إيه.. بلاش خيبة، دي صور البطاقة.. افرقه من ع الجنب أحسن".
يعود إليّ مرة أخرى، أخفى أبي فرحته خلف حافة الجريدة التي يمسك بها، يعيد جسمي إلى وضعه الأول المعوج بزاويته المرهقة، رقبتي تؤلمني.
"يا أخي اعدل نفسك بقى.. ما تقرفنيش".
"فرح" لم تهتم كثيرًا بكل هذا – ربما لأنها لم ترَ البطاقة بعينيها – لكنها ألحت علي أن أعطيها صورة بمجرد أن أتسلم الصور، وأن أكتب على ظهرها إهداء؛ حتى تفرجها لصاحباتها.
ينحني خلف الكاميرا، يده تعبث في مفاتيح الإضاءة، عينه الظاهرة مغمضة.
البنت الجالسة على المكتب في الخارج، تحولت إلى ابتسامة طازجة، عندما قلت لها:
"صور بطاقة لو سمحتي".
بعينه التي لا تزال مغمضة يزعق:
"يللا.. ابتسامة خفيفة".
أحاول أن أركِّب لوجهي أي ابتسامة.. أفشل.
"البطاقة دي هتفضل معاك لحد ما تتجوز".
أجرب فتح فمي في أوضاع بلهاء.
كل صاحبات "فرح" سيتفرجن على الصورة التي أصرت أن أكتب لها "حبيبتي" على ظهرها.
أشعر أنني أعرق. سيظهر العرق على جبهتي كمستنقع أخضر في وسط الصورة.
"ظبط نفسك.. هاعد لحد تلاته وأصور".
الكمّ المتسخ.
"واحد".
البنت التي تحولت إلى ابتسامة.
"اتنين"
سيحسبونني "نفرًا" دميمًا على الدولة.
"اتنين ونص.. جاهز؟"
لست جاهزًا.. سأقف.. سا
"تلاته".

هناك ١١ تعليقًا:

gohayna يقول...

رغم انه اخذ نصف المبلغ كعربون

اتت متأخره سبع دقائق

وغيرها كتير اوي من القصص الي كاتبهم

انحني ليك يا فندم علي كتابتهم وتصويرهم بشكل رائع

صحيح شويه صادم

بس اسلوبك رائع

اما بالنسبه لقصه اليوم

اسلوب السرد وتسلسل الاحداث واختلاط المشاعر وتدرجها

تدل علي انك شخص محترف في صناعه القصه

الخاتمه النهائيه
بجد رائعه

رغم عدم تمكنك من ضبط انفعالك في الصوره الا ان الظروف اجبرتك علي ما تريد
الحياه سعات مبتدنياش فرصه لانختار ولا حتي نرجع في اختيارنا

ولا تطبق مبدء الفرصه التانيه ابدا


انحني ليك مره تانيه يا فندم

واقبلني زائره دائمه

تحياتي

محمد صلاح العزب يقول...

شكرا يا جهينة

انتي اللي حد جميل
ويسعدني جدا أن تكوني زائرة دائمة

Reemo يقول...

انا مبقتش الاقى تعليقات على كتابتك بجد
عجبنى اوى تلاخق المشاهد فى القصه دى
تحس ان انفعالك بيزيد معاها وكانك بتشوف فيلم والمشاهد متلاحقه ورا بعض
كالعاده جميل يا محمد
تحياتى

Lemonada يقول...

جميل ورائع ومبدع يا عم
هو انت في زيك كثير

انا حبيت البداية مومووت زي كاني بشوف فلم

كلامك مشوق
كل التوفيق

محمد صلاح العزب يقول...

ازيك يا ريمو
بتقولي انك ما بتلاقيش تعليقات وتعليقاتك كلها احلى من بعض
انت يا عم اللي جميل
ودايما منور

محمد صلاح العزب يقول...

ازيك يا ليمو
عاملة ايه
أنا كمان حبيت تعليفك كتير
ومبروك على مدونتك الجديدة قوس قزح
والبداية حلوة وموفقة

Incomplete يقول...

وانا بقرا البوست افتكرت روايتك وقوف متكرر.. في شبه في طريقة السرد .. وده طبيعي علشان الكاتب واحد
دائماً بيعجبني اهتمامك بالتفاصيل وطريقة تعبيرك عن المشاعر المتداخلة
يسلم قلمك
:)
بعيد عن البوست عجبتني جداً وقوف متكرر
الصراحة أول ماقريتها مش شدتني فركنتها.. بس لما كمّلتها حبيتها قوي
حبيت بردو رسمك للتفاصيل والمشاعر المتداخلة خاصة في اواخر الرواية وماقبل العزاء.. مش عايزة احرقها
بس فعلاً جميلة..وواقعية زي مالكتاب بيقول
وكمان الغلاف عبقري..بس مش اكتشفت كده الا لما خلصت الرواية
بالنجاح إن شاء الله
:)

محمد صلاح العزب يقول...

Incomple
منورة لدرجة الإشعاع
وشكرا على رأيك في القصة
وفي الرواية
وأوعدك اني أول ما اشوف الفنان أحمد اللباد اللي صمم الغلاف هوصل له إعجابك
وأشكرك جدا

Rania Lelah يقول...

رائع
احييك
و خصوصا تخيلك ان الصورة ممكن حد عزيز يشوفها
مبدع
تحياتى

محمد صلاح العزب يقول...

ازيك يا رانيا
شكرا
شكرا
شكرا
تحياتي ليكي انتي

غير معرف يقول...

هايل يا استاذ محمد لكن انا مش عارف لية انت بتذكر مساوىء مدينة السلام بالرغم انك منها