مقطع جديد من روايتي الجديدة "وقوف متكرر"، والتي ستصدر بإذن الله في معرض القاهرة الدولي للكتاب، يناير 2007 عن دار ميريت
ملحوظة: هذا المقطع بعيد في الترتيب عن المقطع السابق نشره.
مدينة السلام
1
((السلام.. اسبيكو.. السلام)).
تتجاوز الصبي الذي ينادي، وتركب في الكرسي الأمامي إلى جوار السائق وتقول لـه:
((خلاص اتنين هنا)).
فيقول للصبي:
((خلاص الباشا هنا.. ما تجيبش حد قدام)).
تجلس براحتك، ويكتمل عدد السيارة فيغلق السائق بابه الذي كان مفتوحا، ويقول لك:
((معلش الحزام يا باشا)).
فتضع حزام الأمان على جسدك بشكل وهمي دون أن تربطه، ويقول بصوت عالي:
((العربية صلاح سالم يا افندية)).
تريح رأسك على الكرسي، ولا تستيقظ إلا في نهاية الخط.
2
لا تذكر من أيام شبرا الخيمة سوى القطار، والمؤسسة، وصوت مصانع النسيج في مرورك اليومي إلى المدرسة، والبنت منى أحمد التي ظللت تحبها حتى نهاية الخامس الابتدائي، تتبادلان النظر والابتسام طوال الحصص، والتي خاصمتك لأنك وشيت بها عند مدرس الرسم؛ لأنها لم تحضر ألوانها، ولم تقف لتضرب مع كل من لم يحضر ألوانه، فظلت تبكي طوال اليوم عندما ضاعف لها الضرب (8 عصيان)، وسامح كل الباقين وأنت منهم.
تذكر أيضا سعيد مغرفة، والذي أسماه الأستاذ سليمان الورداني بذلك لأن له أذنا عادية، وأذنا مفلطحة تشبه المغرفة.
كان يسكن في الشرقاوية على الجانب الآخر من الطريق السريع، بعد كشك الشرطة العسكرية، تطل شقته على مصنع ياسين للزجاج.
في هذه الفترة كان بيت جدتك في روض الفرج، ترسلك لتشتري لها أكوابًا للشاي، فتقول:
((قل له عايز من بتوع مصنع ياسين.. إوعى يضحك عليك ويديك من الكوبايات اللي معمولة تحت السلم)).
قال لك:
((قابلني في المؤسسة بعد العصر قصاد كشري أبو سنة.. ونروح عندنا نذاكر سوا)).
شقته ضيقة جدا، ورثة، وغير مرتبة، فشعرت به مختلفًا تمامًا عن ذلك الذي يجاورك في الدكة، والذي تتكلم معه كل يوم عن منى أحمد.
خرجت أمه عليكما وكانت نائمة بشعر منكوش وقميص نوم فاضح، ارتبكت وقلت له:
((تعال نقعد في البلكونة)).
تركتما المذاكرة، وأحضر السلم والثعبان فلعبتما، كان المبني المواجه ضخما وقريبا إلى حد ما، قال عندما لاحظ كثرة التفاتك إليه:
((ده مصنع ياسين)).
لم تصدق أن تراه هكذا مرة واحدة:
((بتاع الكوبايات؟!)).
((آه بتاع الكوبايات.. والزهريات.. وطفايات السجاير.. والشفاشق الإزاز.. أنا أبويا بيشتغل فيه)).
لم تصدق، وظلت تكذبه حتى أحضر لك أمه، وقد ربطت رأسها، وارتدت جلبابًا مكرمشًا وممزقًا من تحت الإبط، أشارت إلى مصنع ياسين فبان شعر كثيف، وأكدت أن أبا سعيد يعمل فيه.
عادت صورة سعيد تكبر في نظرك، مع أنك كنت أشطر منه في المذاكرة، وشقتكم واسعة، ومرتبة، ونظيفة، بالإضافة إلى أنك غلبته أربعة أدوار سلم وثعبان.
1
((السلام.. اسبيكو.. السلام)).
تتجاوز الصبي الذي ينادي، وتركب في الكرسي الأمامي إلى جوار السائق وتقول لـه:
((خلاص اتنين هنا)).
فيقول للصبي:
((خلاص الباشا هنا.. ما تجيبش حد قدام)).
تجلس براحتك، ويكتمل عدد السيارة فيغلق السائق بابه الذي كان مفتوحا، ويقول لك:
((معلش الحزام يا باشا)).
فتضع حزام الأمان على جسدك بشكل وهمي دون أن تربطه، ويقول بصوت عالي:
((العربية صلاح سالم يا افندية)).
تريح رأسك على الكرسي، ولا تستيقظ إلا في نهاية الخط.
2
لا تذكر من أيام شبرا الخيمة سوى القطار، والمؤسسة، وصوت مصانع النسيج في مرورك اليومي إلى المدرسة، والبنت منى أحمد التي ظللت تحبها حتى نهاية الخامس الابتدائي، تتبادلان النظر والابتسام طوال الحصص، والتي خاصمتك لأنك وشيت بها عند مدرس الرسم؛ لأنها لم تحضر ألوانها، ولم تقف لتضرب مع كل من لم يحضر ألوانه، فظلت تبكي طوال اليوم عندما ضاعف لها الضرب (8 عصيان)، وسامح كل الباقين وأنت منهم.
تذكر أيضا سعيد مغرفة، والذي أسماه الأستاذ سليمان الورداني بذلك لأن له أذنا عادية، وأذنا مفلطحة تشبه المغرفة.
كان يسكن في الشرقاوية على الجانب الآخر من الطريق السريع، بعد كشك الشرطة العسكرية، تطل شقته على مصنع ياسين للزجاج.
في هذه الفترة كان بيت جدتك في روض الفرج، ترسلك لتشتري لها أكوابًا للشاي، فتقول:
((قل له عايز من بتوع مصنع ياسين.. إوعى يضحك عليك ويديك من الكوبايات اللي معمولة تحت السلم)).
قال لك:
((قابلني في المؤسسة بعد العصر قصاد كشري أبو سنة.. ونروح عندنا نذاكر سوا)).
شقته ضيقة جدا، ورثة، وغير مرتبة، فشعرت به مختلفًا تمامًا عن ذلك الذي يجاورك في الدكة، والذي تتكلم معه كل يوم عن منى أحمد.
خرجت أمه عليكما وكانت نائمة بشعر منكوش وقميص نوم فاضح، ارتبكت وقلت له:
((تعال نقعد في البلكونة)).
تركتما المذاكرة، وأحضر السلم والثعبان فلعبتما، كان المبني المواجه ضخما وقريبا إلى حد ما، قال عندما لاحظ كثرة التفاتك إليه:
((ده مصنع ياسين)).
لم تصدق أن تراه هكذا مرة واحدة:
((بتاع الكوبايات؟!)).
((آه بتاع الكوبايات.. والزهريات.. وطفايات السجاير.. والشفاشق الإزاز.. أنا أبويا بيشتغل فيه)).
لم تصدق، وظلت تكذبه حتى أحضر لك أمه، وقد ربطت رأسها، وارتدت جلبابًا مكرمشًا وممزقًا من تحت الإبط، أشارت إلى مصنع ياسين فبان شعر كثيف، وأكدت أن أبا سعيد يعمل فيه.
عادت صورة سعيد تكبر في نظرك، مع أنك كنت أشطر منه في المذاكرة، وشقتكم واسعة، ومرتبة، ونظيفة، بالإضافة إلى أنك غلبته أربعة أدوار سلم وثعبان.
هناك ٤ تعليقات:
فين الرواية يا محمد ؟
مبروك البلوج و 1000 مبروك الرواية
في انتظارها
سيدي, أولاً مبروك صدور روايتك الجديدة "وقوف متكرر" .. هي أول رواية أقرأها لك ,كنت ألمح إسمها و إسمك علي صفحات الانترنت بين الحين و الآخر فبدا لي أن أقتنيها و لكني لم أكن أعلم محتواها سوي ما كتب علي الغلاف و ذلك ما أعجبني ..عند وصفك مشاعر بطل الرواية بالمسافة التي باتت بينه و بين أبيه, وجدت ذلك الجزء في الفصل الأول و صدقني حاولت أن أعجب بأي جزء آخر بروايتك و لكني لم أستطع!
لست أديبة و لا ناقدة و لا أدعي إتقان ذلك و لكني قرأت روايات عدة و حتي الأجنبي منها لم أشعر أن أحد كاتبيها يتعمد أن يسرد تفاصيلاً مقززة -بالنسبة لي- بشكل لا يضيف إطلاقاً لسياق أو معني الرواية كما وجدت عندك. تفاصيل ليس من شأنها إلا خدش الحياء بشكل صريح. ليس اعتراضي علي المضمون اطلاقاًو لست ضد الأفكار الجريئة و الصادمة في بعض الأحيان و إنمااعتراضي علي أسلوب الإشارة إليها, فقد أحسست أنك بذلك أجبرت القارئ أن يُسقط تقديره الأدبي لك و لا يبقي سوي انطباعه عما أشارت إليه بشكل مستفز مما قد يدفعه لعدم اقتناء رواياتك مرة أخري.
أرجو أن تتقبل كلامي بسعة صدر.
أشكرك.
MH
ألف شكر يا عم طارق مش عارف انت قريت الرواية ولا لأ
عموما أتمنى تعجبك
ومعلش اتأخرت في الرد عليك لكن لو بصيت لحال البلوج اللي لا يسر عدو ولا حبيب هتعرف اني فعلا ما بدخلش عليه غير قليل جدا
****
الصديقة mh
الله يبارك فيكي
أشكرك على رأيك وصراحتك
وأوعدك ان احنا هنتفق في كل حاجة لكن احنا لينا رأيين مختلفين في الإبداع وأنا بحترم رأيك جدا وأرجو أن تحترمي رأيي كذلك
لكن كان يهمني انك تذكري اسمك بدل الحروف الأولى كأنك بتبعتي لبرنامج حياتي
كل احترامي
وشكرا
إرسال تعليق