الأحد، ١٦ سبتمبر ٢٠٠٧

كولد ينتظر بنتا في الغالب لن تأتي
يبدو من هيئة البنت أنها تقف في انتظار ولد ما
أول ما فكرتَ فيه أن تدقق النظر في يديها، لم يكن ذلك سهلا، فالبنت المتوترة من طول الانتظار لم تترك يديها مباحتين لنظرك؛ مرة تشبكهما خلف ظهرها، ومرة تضعهما داخل جيبي الجاكت القصير الذي ترتديه، ومرة تسوي ملابسها من الخلف.
لكنك في النهاية أدركت أنها لا تلبس خاتم خطوبة أو زواج.
لم تكن جميلة، وطريقة ربطها لشعرها الخشن تجعلها تبدو كطفلة في الابتدائية لم تهتم أمها بتصفيف شعرها، وبنطلونها الجينز محبوك على فخذيها فبدت ممتلئة قليلا.
ضبطتك وأنت تتأمل جسدها دون أن تظهر أنها تضايقت، أشحت بوجهك، وظل كل منكما يختلس النظرات إلى الآخر ليرى هل ينظر إليه أم لا. وعندما تتلاقى النظرات يصطنع كل واحد كأنما لم يكن ينظر.
لم يكن موقف الأتوبيسات الذي تقفان فيه مزدحمًا، وبائع المناديل كلما مر بكما ينظر إلى جسدها، وينادي على بضاعته، فشعرت أنه يفهم ما بداخلك تمامًا.
مر بعض الوقت، تململت البنت وأكثرت من النظر في ساعتها، وظلت تتمشى في حيز مترين أو ثلاثة، فأتاحت لك رؤية جسمها من جميع الزوايا.
لو أنها تنتظر ولدا لا يأتي، فتنتقم منه بأن تذهب معك.
بدأت تشد أطراف شعرها المجعد في عصبية متشاغلة عنك، وبائع المناديل يواصل نداءه اللزج وليس هناك غيركما تقريبا.
فكرت أنها صيدك الليلة، ولن تدعها تفلت تحت أي ظرف، اقتربت منها قليلا مركزا نظرك في عينيها.
تبادلت معك نظرات قصيرة، وعندما أتت حافلتك لم تركب، وتمنيت لو ترجو بائع المناديل فيكف قليلا عن الصياح.
تحركت هي ببطء إلى الكشك القريب، أعطتك ظهرها وهي تتكلم في التليفون حتى لا تفهم ما تقول، بدت حركاتها عصبية، وانفعالها يتغير بسرعة بين الغضب والهدوء، حتى أغلقت السماعة بقوة ضايقت صاحب الكشك، وانصرفت ناسية أن تدفع للرجل النقود، فترك مكانه وخرج مندفعًا خلفها.
وجدتها فرصتك، تدخلتَ لتهدئة الرجل، تناولتَ منها النقود وأعطيتها له، وهي تقريبا منفصلة عنكما، اقترب بائع المناديل وقد أشعل سيجارة وكف عن ندائه السمج على المناديل المعطرة.
سرت خلفها مبتعدا عن البائعَيْن اللذين تضامنا في سب زبائن هذه الأيام.
اقتربتَ منها وقلت:
ـ رجل لسانه طويل.
فلم ترد عليك، وأبطأت قليلا، فكرت هل تكمل السير خلفها أم تتراجع،
قلت:
ـ لكن أنت معذورة... شكلك سمعت خبرا سيئا في التليفون.
لم ترد عليك وأسرعت من مشيها، حتى سارت بخطوة عادية وكأنك غير موجود.
وقفتَ للحظة لا تدري ماذا تفعل، وهي تواصل الابتعاد عنك، حتى جلستْ على آخر كرسي في المحطة وهي شاردة.
جلس بائع المناديل مع صاحب الكشك وفي يد كل منهما زجاجة مياه غازية، وأتت امرأة عجوز تطلب أي حسنة فلم تعطها شيئا وقلت لها:
ـ ربنا يسهل لك يا حاجة.
صرفت من ذهنك صورة البنت، وقررت أنك لن تكلمها، وعندما أتت حافلتك ركبت، كانت المرأة العجوز قد وقفت إلى جوارها، فتحت البنت حقيبة يدها ودست في يدها شيئا. صعد بائع المناديل إلى الحافلة التي لم يكن بها سواك، وظل ينادي على مناديله الناعمة، والحافلة منصرفة لمحت البنت تبحث عنك بعينيها في الميدان الواسع.

هناك ٥ تعليقات:

غير معرف يقول...

هى تجربة ولا خيال

دعاء عبده يقول...

كالعاده

جميل

عين ضيقة يقول...

ممتع جدا النص

بس مش جديد

اتعمل افلام عربى كتير

بس الاسلوب فى العرض كويس جدا

تحياتى

LAMIA MAHMOUD يقول...

اممممممممم


كان لازم ينزل تاني


لاء جد بقى

حلو

غير معرف يقول...

ألجمتني